جاءت نتيجة انتخابات المرحلة الثانية لنقابات المحامين الفرعية لتؤكد تراجع الاخوان المسلمين فى نقابة المحامين بشكل أوضح عما كان فى المرحلة الاولى منها التى جرت فى 26 من فبراير الماضى فقد أخفق مرشحو الجماعة عن الفوز بأى نسبة تستحق الذكر فى كل المقاعد وخاصة على منصب النقيب فى النقابات الثمانية التى جرت فيها انتخابات هذه المرحلة التى جرت يوم الاحد الموافق 4 مارس الحالى.
فعلى مقعد النقيب فى النقابات الثمانية ترشح منهم أربعة كوادر فى أربعة نقابات بينما دعموا أربعة مرشحين فى النقابات الاربع الاخرى وكان من كوادر الجماعة الذين ترشحوا على أربع مقاعد النقيب الاستاذ صبحى صالح فى الاسكندرية والاستاذ فوزى نصر فى المنصورة والاستاذ عاطف شهاب فى المنوفية والاستاذ السيد العنانى فى دمياط بينما الجزء الثانى فى النقابات التى دعموا فيها مرشحا وهى الشرقية والغربية وكفر الشيخ والبحيرة حيث خسروا كل المقاعد فى حين ادعى احد المواقع التابعة للجماعة انهم دعموا سعيد نوار فى البحيرة الذى فاز بالمقعد هناك وهو قول فيه نظر وان صح فيكون واحد من ثمانية وهو نقيب ليس تنظيميا ولاعلاقة له بالاخوان.
ولم يقتصر فشل الاخوان على مقعد النقيب فقط اذ وصلت نفس النسبة من الفشل فى مقاعد العضوية ولكن بصورة أقل حيث لم ينجح من الاخوان فى عضوية الاسكندرية سوى ثلاثة أعضاء من 16 وفى الشرقية 3 من 16 وفى دمياط 3 من 7 وفى الغربية 2 من 11 وفى المنوفية لاشيئ من 10 وفى البحيرة 5 من 15 "الثلث" وهى أكبر نسبة عضوية يحصل عليها الاخوان فى جميع النقابات الفرعية التى اجريت فيها الانتخابات بمرحلتيها الاولى والثانية حتى الان.
زلزال ومفاجأة من العيار الثقيل وانقلاب مفاجئ فى موازين القوى النقابية لاتقف تداعياتها عند حد حتى أن المرء قد يشعر فى البداية أن الاخوان أرادوا عن عمد خسارة هذه المعركة ربما لتوصيل رسالة طمأنة للمواطن المصرى ان الاخوان يمكنها ان تفشل فى معركة وتكسب فى الاخرى ، ولكن ماجرى يؤكد غير ذلك تماما.
فلو قلنا ان المحامين الاخوان أرادوا بالفعل الخسارة ولم يحضروا انتخابات الفرعية فان الأرقام التي أفرزتها النتائج تؤكد عكس ذلك فقد كان الحضور مقارباً لحضور المحامين لانتخابات النقابة العامة في 20 نوفمبر من العام الماضي والتى فازت فيها قائمة الاخوان باكتساح منذ ثلاثة أشهر فقط من الان فالجمعية العمومية في الدقهلية 13053عضوا حضر منهم 6411 وكان عدد الأصوات الباطلة 60 صوتا والأصوات الصحيحة 6351 صوتاً حصل منهم فوزى نصر مرشح الاخوان على 1435 صوتا فى حين حصل محب مكاوى على 1816 وحصل النقيب محمد طه الغمرى على 2013
ونفس الكلام في المنوفية التى كانت جمعيتها العمومية 7429 عضوا حضر أكثر من 63% منهم وهم 4688 عضواً وكانت الاصوات الباطلة 66 والاصوات الصحيحة 4622 صوتاً حصل منهم عاطف شهاب مرشح الاخوان على 1935 صوتا فى حين حصل المرشح الفائز بمقعد النقيب وهو خالد راشد على 1992 صوتاً فى منافسة قوية وبفارق بسيط يدل على قوة الحضور من معظم المحامين وضراوة المنافسة .
واذا قلنا أن انشغال مرشحو الاخوان بمناصب نيابية تحول بينهم وبين التفرغ لمنصب النقيب فان كلا من فوزى نصر وعاطف شهاب غير محملين بأية أعباء مناصب نيابية وكذلك السيد العنانى نقيب دمياط السابق وهو لم تشغله مناصب نيابية عن العمل النقابى
وربما تكون الرسالة التى أوصلها المحامون فى نتيجة انتخابات الاسكندرية بالذات تشكل أكبر ضربة عندما يتفوق عبد الحليم علام فى المنافسة على منصب النقيب بحوالى الفى صوت فيما يشبه أنه لم تكون هناك انتخابات أو منافسة معه من القيمة والرمز الكبير الاستاذ صبحى صالح النائب بالبرلمان ووكيل اللجنة التشريعية بالمجلس
حضر من محاميو الاسكندرية 8272 عضواً كانت الاصوات الباطلة منهم 75 صوتا "طبعا فى مقعد النقيب" وأصبح عدد الاصوات الصحيحة 8197 صوتا حصل عبد الحليم علام على 4257 صوتاً بما يزيد عن خمسين فى المائة من الحضور فى حين حصل صبحى صالح على 2416 صوتاً فقط.
وربما يكون هناك عامل آخر فى تراجع أصوات صبحى صالح وهى انشغال صالح بجلسات مجلس الشعب واجتماع المجلسين عشية يوم الانتخابات والدور الثقيل الملقى على عاتقة فى مهمة لجنة المائة بالاضافة الى ظهور خلافات معه داخل الجماعة وتناول البعض منهم بالفاظ خارجة وتناقلها المحامون عبر الهواتف المحمولة فأصبحت هناك علانية فى الخلاف من داخل الى خارج الجماعة ، كما وأن بعض الكوادر هناك كانوا ينتظرون الدور كى تكون لهم الفرصة ، وعلى جانب آخر الثقة الزائدة التى ظهر بها صبحى صالح فى التصريحات الصحفية والاصرار عليها دون مراعاة رد الفعل والنتائج التى قد تترتب عليها ، وهو ما أدى الى ضعف الحماس لدى العناصر الاخوانية فى الدعاية لصالح ، وعلى الرغم من النفقات التى تكبدتها الجماعة فى الدعاية لصالح والمؤتمرات ودعوات الطعام المكلفة التى تكررت بكثافة فى حملة صالح الانتخابية.الا أن كل ذلك لم يقنع محامو الاسكندرية ووقرروا بوضوح اختيار عبد الحليم علام نقيباً لهم بلا تردد.
ورغم أننى أتخيل الان سعادة صبحى صالح على المستوى الشخصى بالنتيجة لانه بالفعل مشغول تماماً وسوف يكون الان أكثر تركيزاً فى مهامه الكبرى التى تمس مصير البلاد فى الفترة القادمة ووضع الدستور الجديد للبلاد ، الا أنه وفى نفس الوقت قد منيت الاخوان بأكبر هزيمة فى تاريخ نقابة المحامين على المستوى العام نتيجة سوء التقدير وعدم ادراك المتغير العام لتوجهات المحامين.
ويمكن القول أن نتائج المرحلة الثالثة التى ستجرى يوم 11 مارس الحالى لن تختلف كثيراً فى المرحلتين الاولى والثانية ، وأن المحامين استطاعوا أن يقدموا متغير جديد وسريع فى توجهات الرأى العام المصرى نحو رفض استمرار قيادة الاخوان للعمل النقابى فى مصر ، ويبقى الرهان على نجاح القيادات الجديدة فى الارتقاء بنقابة المحامين ومهنة المحاماة وهو اختبار صعب ربما يعيد العجلة الى الوراء مرة أخرى.
ولكن حتى وان كان فسوف يكون المعيار الشخصى هو الاساس فى الاختيار وليس معيار اختيار كتلة جماعة الاخوان للمحامين.
كل التمنيات لنقابة المحامين أن تحقق رفعة ومكانة لمهنة المحاماة فى عصر ثورة 25 يناير لتكون قاطرة الحرية والعدالة وحقوق الانسان المصرى الذى عانى سنوات القهر والظلم والفساد والاستبداد.