توجيهات تربوية للأطفال ( من5 إلى6 سنوات)
وأوضاعها، في هذه المرحلة يتعلق الطفل بأمه بشكل أكبر من المعتاد، تجدينه دائماً يا أختي قريباً منك يقلد حركاتك، لذلك مهم أن يراعي الوالدان كونهما القدوة في علاقتهم بالله وفي كل سلوكياتهم، ابن الخامسة يعرض مساعدته على أمه ويتلذذ بطاعتها وأخذ توجيهاتها والاستئذان منها، شجعيه يا أختي على الاستقلالية بأسلوب لطيف، شجعيه يأكل لوحده، ويرتدي ثيابه لوحده، وإذا بدأ يحاول في شيء ما لا تستعجلي مساعدته قبل أن يتسنى له الوقت الكافي للتجربة، وانتظري حتى يطلب المساعدة بنفسه ثم عمليه خطوة إضافية واحدة واتركيه ينجزها وامدحيه في بعض مراحل النشاط وليس في كلها.
هذه الإجراءات ت****ب الطفل الاستقلالية والاعتماد على الذات في هذا العمر وأي عمر .
يا إخواني وأخواتي تغيرات سلوك الطفل المتصلة بعمره سواء صعوبة التعامل مع ابن السنتين ونصف أو سهولته مع ابن الثالثة أو ثورة العاطفة أو ثورة السلوك أو ثورة العقل أو مرحلة الهدوء والاتزان والطاعة عند ابن الخامسة أو التغيرات التي سنذكرها بعد قليل _بإذن الله تعالى_ كلها تشبه الورقة التي يخرجها جهاز تخطيط القلب، الورقة إذا تذكرون يكون فيها خط تتخلله ارتفاعات ثم انخفاضات ثم ارتفاعات ثم انخفاضات وهكذا، ما معنى أنه إذا خرجت الورقة فيها خط مستقيم بدون ارتفاعات أو انخفاضات معناه أن هذا الإنسان مات توقف قلبه عن العمل، وهذا ما سيحصل لأطفالنا فتموت شخصياتهم وتتوقف عن النمو إذا قررنا خطأ محاربة هذه التغيرات التي هيأها اللطيف الخبير لو حاربنا هذه التغيرات وقمعناها مش بس نتعب عيالنا وعلاقتهم معنا، لا، نحن نحرمهم من فرصة الاستفادة الطبيعية من المرحلة المؤقتة وسنهدر طاقتنا وأعصابنا ووقتنا في مقاومة فطرة الله التي فطر عليها الأطفال عموماً ومن بينهم أطفالنا.
إذن دعونا نتفاعل مع هذه التغيرات المؤقتة بشكل إيجابي .
ملاحظة هامة: لسببين اثنين قد لا تلاحظون السمات التي نذكرها لبعض المراحل في شخصية طفلكم أحياناً أو تلاحظون بعض سمات المراحل وليس كلها .
السبب الأول: أن العمر وسماته المتوقعة عامل مؤثر من بين عوامل أخرى مؤثرة قد تفوقها تأثيراً أحياناً مثل الفروق الفردية أو البيئة وهي تشمل كل ما يحيط بالطفل، ومع هذا يظل العمر عاملاً هاماً ومؤثراً جداً ويفيد الآباء والأمهات كثيراً في فهم واستيعاب وتربية أطفالهم.
السبب الثاني: توقيت مرور ابنك بالمرحلة وسماتها قد يكون مبكراً أو متأخراً نسبياً عن متوسط العمر المتوقع لها، يقول الدكتور فاخل عاقل في كتاب (سلوك الطفل): "لو كان لدينا مئة طفل أعمارهم أربع سنوات فإن نصفهم سيسلكون السلوك المتوقع حدوثه في هذا العمر، وربعهم يكونون قد مروا به مبكراً وتجاوزوه، وربعهم لم يصل إليه بعد". انتهى كلامه .
طفلك في السادسة
حديثنا التالي _بإذن الله_ عن سن السادسة، سن السادسة هو المتوسط المتوقع لمرحلة جديدة يتمركز فيها الطفل حول ذاته يتوقع أن يكون ابن السادسة مندفع العاطفة أحياناً قليلة بصورة إيجابيه تجاه غيره كحنانه على إخوانه الصغار وعطفه عليهم، ولكن الأغلب أن يكون ابن السادسة مندفع العاطفة نحو ذاته فتجد عنده الأنانية والطمع يريد أن يكون له الأولوية في كل شيء يريد أن يكون محبوباً أكثر من غيره يريد أن يحصل على نصيب الأسد طمّاع ما يصح تخيره بين لعبتين؛ لأنه يريد الاثنتين واحرص ألا تأخذ شيئاً من ممتلكاته وتعطيها طفلاً آخر يلعب بها إلا بإذنه ولا تسمح لأحد أن يأخذ دوره في اللعب أو غيره إلا بإذنه ولا حتى الكبار.
فديننا العظيم الذي علّم الصغار الاستئذان احتراماً لخصوصيات الكبار هو ذات الدين الذي علّم الكبار الاستئذان من الصغار، سواء في عمر الست سنوات أو غيره احتراماً لخصوصياتهم ولا هو استئذان ملاطفة ما له قيمة، لا، بل وهب الصغار حق الرفض أو القبول وعلّمنا احترام قرارهم، أخرج البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أُتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا والله ما أوثر بنصيبي منك أحداً قال: فتله رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في يده، أي: وضع الشراب في يده، ثم تأمل كيف أقر الصغير حقه في الرفض مع عظم قدر المستأذِن والمُستأذَن لهم، وهم النبي _صلى الله عليه وسلم_ وكبار الصحابة .
ابن السادسة لديه رغبة شديدة في الفوز وإذا انهزم ما يتحمل يصيح ويبكي، ويتهم إخوانه أنهم غشاشين، اندفاع عاطفته نحو ذاته يضعف قدرته على التعامل مع لحظات خسارته وإخفاقه وإحباطه، وهذا يجعل ابن السادسة عموماً سريع البكاء ينفجر ويبكي بسهولة .
إخواني أبناؤنا يتعلمون منا التعامل مع الحزن والخسارة والإحباط مثل ما يتعلمون منا أي شيء آخر، لذلك طفل السادسة يراك أنت كيف تتعامل مع ما يحزنك أو يحبطك ويضايقك بصبر ورضا وروح رياضية وابتسامة، في المرحلة السابقة كانت أمه هي مركز العالم بالنسبة له هي محور اهتمامه، الآن في السادسة يريد أن يكون هو مركز عالمه الخاص وبؤرة اهتمامه، ولذلك يتوقع أن تسوء علاقته بأمه نسبياً بسبب تمركزه حول ذاته، وحتى مع غيرها تجده سلبياً مع الآخرين ينفر من الأوامر ويتملص منها ويحوّلها على إخوانه ولا يتقبل النقد واللوم بسهولة، وبما أنه يحتاج بشدة للمديح والثناء فبإمكان الأم الواعية ومن حول الطفل أن يحسنوا علاقتهم معه ويؤثروا في سلوكه بأن يقللوا من النقد واللوم والأوامر إلى أقل حد ممكن ويمدحونه على تصرفات محددة وليس مدحاً عاماً، كما ينقلون له ثناء الآخرين عليه ويدعون الله له بما يحب وتهفو إليه نفسه فيربطون رغباته التي يتعلق بها بشدة في هذه المدة بمن يقضيها له بالله _سبحانه وتعالى_ كما يحدثونه دائماً عن الجنة وما فيها من متع ورغبات يشتهيها ويتمناها فيشوقونه لها ويغرسون حبها والعمل لأجلها في قلبه .