قررت الجمعية العمومية لنادى القضاة عودة العمل بالمحاكم وارجعت القرار الى الجمعيات العمومية بالمحاكم بحسب الحالة الأمنية التى تمر بها كل محكمة ، والتى اعطت الحق لها فى تعليق العمل اذا كانت الظروف الأمنية تحول دون إنعقادها ، ورفضت بيان مجلس الوزراء بإرجاء مناقشة مشروع قانون السلطة القضائية الى ما بعد الانتخابات، كما قررت الإمتناع عن الإشراف على انتخابات نقابة المحامين ومناشدة اللجنة القضائية التنحى عن مهمتها ، واكدت على التمسك بمشروع القانون والذى يضع صيغته النهائية مجلس القضاء الأعلى ، كما إستنكرت موقف السلطات الرسمية تجاه أزمتهم مع المحامين ، واكدت على ان نادى القضاة واندية قضاة الأقاليم فى حالة انعقاد مستمر لحين عودة الامن بالمحاكم.
وفى حماية مدرعات الجيش التى حاصرت مبنى دار القضاء العالى ، عقد نادى القضاة جمعيته العمومية الطارئة برئاسة المستشار حسام الغريانى رئيس مجلس القضاء الاعلى ، وبحضور ما يزيد عن 5000 قاضى ، والتى ناقشت الإعتداءات التى وقعت على المحاكم خلال الايام الماضية من قبل المحامين بسبب تواصل احتجاجاتهم على تعديلات قانون السلطة القضائية .
التوحد ونبذ الخلافات كان هو المشهد الرئيسى للجمعية العمومية الطارئة ، ذلك المشهد الذى غاب طويلا بين صفوف القضاة خلال السنوات القليلة الماضية ، المستشار احمد الزند رئيس نادى القضاة جسد ذلك من خلال قبلة على رأس الغريانى وترحيب حار وخاص بالمستشار احمد مكى ، بعد ان طلب منه الصعود للمنصة والجلوس بجوارهم ، واصفا مكى بانه «هرم من اهرام القضاء» .
رئيس نادى القضاة بدأ الجمعية بكلمة غاضبة استنكر فيها ما حدث من اعتداءات على القضاة وغلق للمحاكم ، مؤكدا ان القضاة لم يمتنعوا أو يضربوا عن أداء واجبهم بل منعوا بالقوة وتحت وطأة السباب ، وانتقد الزند بلهجة حادة أداء السلطة الرسمية بالدولة تجاه الأزمة بين المحامين والقضاة ، متسائلا هل يليق بالمجلس العسكرى الحاكم ان يطلق الامور على هذا النحو ؟
ووصف الزند بيان مجلس الوزراء الصادر منذ يومين بإرجاء مناقشة قانون السلطة القضائية الى ما بعد الإنتخابات البرلمانية ب البيان الاسود وأنه إقرار بمشروعية الإعتداءات وتسليم لطلبات الخصوم ، واضاف «بعد 17 يوم من الازمة ومن الاعتداءات المنحطة والقذرة التى طالت الشرف و الاعتبار بل والذمم واللاعراض ، جاء بيان مجلس الوزراء العجيب على الفيس بوك ليشجب ما حدث ، صاحب السلطة يتخذ القرارت لا يشجب ولا يدين»
ووجه الزند كلمة للذين يطالبون بتطهير القضاء قائلا «اذا كان القضاء يستحق التطهير فغيره يستحق التدمير»
ووصف المحامون الذين قاموا بالإعتداء على المحاكم والقضاة ب «الشرذمة» الذين ينتمون لمهنة عظيمة يحترمها الجميع ، واضاف «انهم يريدون ان يغلقوا المحاكم بإرادتهم المنفردة ويفتحونها وقتما شاءوا ، وان التبجح بلغ مداه بتقديم بلاغات مكذوبة ضد قضاة مصر بأنهم يمتنعون عن اداء عملهم»
واشار الى ان قرار الجمعيات العمومية بالمحاكم بتعليق العمل بها كان أمرا طبيعيا كرد فعل للإعتداءات التى وقعت على المحاكم والقضاة.
عرضت الجمعية العمومية مقاطع فيديو مصورة تضمنت الإحتجاجات التى قام بها المحامين خلال الايام الماضية من تظاهرات امام المحاكم وغلقها بالجنازير، واستمعت الى شهادات عدد من القضة حول وقائع الإعتداء عليهم ، فروى رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، ما حدث من إعتداءات على محكمة حلوان والمعادى ، مؤكدا ان ماحدث من اعتداءات وغلق المحاكم كان امرا مدبرا ، كما إستعرض المستشار عادل حسنى رئيس محكمة المنيا تفاصيل الإعتداء على محكمة المنيا ، حيث إتخذت المحكمة قرار بالإجماع وقاموا بتعليق العمل ، وطالب مجلس القضاء الاعلى باتخاذ اجراءات حاسمة ضد ما يحدث تجاه القضاة وتاييد ما إتخذته الجمعيات العمومية للمحاكم من قررات .
من جانبه اكد المستشار حسام الغريانى فى كلمته امام الجمعية العمومية ، بانه لا يوجد خلافات بين القضاة وكلهم يقفون وقفة رجل واحد ، مشيرا إلى ان تعداد المحامين بمصر نصف مليون محامى وان من قاموا بتلك التجاوزات هم فئة قليلة ، واكد على ان مصر تحكمها حكومة فى الخفاء وهى حكومة الحزب الوطنى ، واضاف : «لا احد يعلم من أين تأخذ قراراتها ، من داخل السجن ام من خارجه .
وصنف المحامون الذين قاموا بتلك الإعتداءات إلى فريقين الاول مأجور والثانى منساق ، وقال: «اما القول بان النصف مليون محامى جميعهم هم من يقفون وراء هذه الافعال القبيحة فهذا قول ظلم»
واشار الغريانى الى انه أجرى إتصالا بالمجلس العسكرى وطلب منهم ان يؤمنوا جمعية القضاة من اى شيء ممكن ان يحدث ويعكر صفوها ، وبالفعل جاءت المدرعات منذ الصباح الباكر لتؤمن الجمعية.
وتابع الدليل على ان هناك مؤامرة ، وان هذه الحناجر مأجورة ومدفوعة ، ان مجلس القضاء الأعلى اصدر عدة بيانات وتصريحات ، لتهدئة الموقف إلا ان جميع وسائل الإعلام المملوكة للدولة لم تتناول هذه الأخبار ، واشار الى ان الصحف القومية والتليفزيون الحكومى لا يزال خاضع ويعبث بها الحزب الوطنى، وقال انه أبلغ المجلس العسكرى هذا الكللام ، واضاف : ان كل اتجاه للتهدئة خفى عنه السمه وكل اتجاه للتهييج كان ينشر ويكرر .
واضاف رئيس مجلس القضاء الأعلى موجها كلامه للقضاة الى ان ظهور القضاة فى وسائل الإعلام اساء اليهم كثيرا ، وطالبهم الابتعاد عن الاعلام قائلا «ارجوكم ارجوكم ابتعدوا عن الاعلام تماما»
واشار الى انه ابلغ القضاة ان القاضى لا يقضى وهو خائف وكل قاضى خايف على جلسته عليه ان يؤجل اداريا ، وقال اذا حاسبه التفتيش القضائى سيدافع بنفسه عنهم ، وقال ان الجمعيات العمومية للمحاكم هى وحدها المختصة بتحقيق ما تريده من قرارات فى هذه الظروف الخاصة ، مؤيدا قرارات تعليق الجلسات فى عدد من المحاكم بناءا على قرار من جمعياتها العمومية .
واكد على انه اعلن انه رفض منذ البداية المادة ( 18 ) وقال ان موضعها قانون المرافعات وليس قانون السلطة القضائية .
وقال الغريانى بلهجة حاسمة« حين تعود للمحاكم هيبتها وكرامتها سيعود القاضى شامخا ليقيم العدل ويعوض ما فات ويصل الليل بالنهار ليمحو اثار هذه المحنة »
واقترح الغريانى انه على كل محكمة ان تتخذ قرارها فهى الاقدر على امورها وظروفها ، واضاف : وقد اجتمعت جمعيات عديدة واتخذت قرارات تتسم بالحكمة والحسم وانا وافقت عليها وايدها تماما ، وقال : نحن لا نضرب عن العمل ولا نتوقف لمجرد التوقف ، فالشعب لا يستحق ان تغلق المحاكم بوجهه .
واستعرض الغريانى تعليق احد شباب القضاة على الموقع الرسمى لنادى القضاة على الانترنت تعليقا على الازمة ، حيث طال فيها برحيل الغريانى ، وعلق الغريانى عليها قائلا : لقد راودتنى فكرة الرحيل عدة مرات ، لكن خشيت ان يقال انه جبن ، لكنى لست بثقيل حتى ابقى والقضاة لا يريدوننى ، وهنا وقفت الجمعية العمومية وصفقت للغريانى ، فى اشارة تأييد منهم له ولرغبتهم فى وجوده .