أكدت محكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها بقرار إلغاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور أن الإعلان الدستوري لم يتضمن أي نص يجيز لأعضاء البرلمان (الشعب والشورى) المشاركة في عضوية الجمعية المسند إليها إعداد مشروع الدستور المصري الجديد ولو كان الاتجاه إلي ذلك لنص على ذلك صراحة في الإعلان الدستوري.
قالت محكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها: إن الإعلان الدستوري حدد صراحة تشكيل هيئة الناخبين التي تتولى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، وحصرها في الأعضاء غير المعينين (المنتخبين) لأول مجلسي شعب وشورى تجتمع في هيئة اجماع مشترك، وحدد أيضاً مهمة المجتمعين على وجه صريح وقصرها على اختيار أعضاء جمعية تأسيسية – من 100عضو – بطريق الانتخاب ثم حدد أيضاً عمل هذه الجمعية في إعداد مشروع دستور جديد للبلاد خلال 6 أشهر من تاريخ تشكيلها وبذلك يكون الإعلان الدستوري قد حدد في صراحة ووضوح وفي غير لبس كيفية تشكيل هيئة الناخبين (الاجتماع المشترك) والمهمة التي تقوم بها.
وأضافت المحكمة أنه حدد بعد ذلك مهمة الجمعية التأسيسية، فالأولى تتولى انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية، والثانية تتولى إعداد مشروع الدستور الجديد للبلاد، وهما مهمتان منفصلتان غير متداخلتين وهذا التحديد الواضح بتشكيل واختصاص كل منهما، يقتضي الالتزام بالحدود المرسومة لهما دون تداخل أو خلط، بما يحول دون أن يكون أي من المشاركين في الاجتماع المشترك – من بين الأعضاء الذين يتم اختيارهم بطريق الانتخاب كأعضاء في الجمعية التأسيسية ولهم فقط أداء المهمة المحددة لهم في المادة 60 من الإعلان الدستوري التي قصرتها على عملية انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية والذي يقتضي بطبيعة الحال وضع الضوابط والشروط اللازم توافرها فيمن يرشح نفسه لعضوية الجمعية التأسيسية ويكون مؤهلا للاشتراك في وضع وإعداد دستور جديد لمصر، ثم تتولى بعد ذلك وفقاً لضوابط وقواعد الانتخاب اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية – وهم 100 عضو – من بين من توافرت فيهم شروط الترشيح من العناصر المؤهلة لهذه المهمة.
وأوضحت المحكمة أنه لا ينال من ذلك القول أن الإعلان الدستوري لم يحظر في المادة 60 منه مشاركة أعضاء البرلمان في الجمعية التأسيسية وأن الأصل في حالة عدم الحظر هو الإباحة، ذلك أن السلطة التشريعية تمارس اختصاصها نيابة عن الشعب والأصل في الإنابة عن الغير أنها مستمدة من سند تقريرها وفي حالة عدم وجود سند لهذا العمل أو التصرف للنائب أو الوكيل فإن الأصل هو المنع لا الإجازة ولم يتضمن الإعلان الدستوري أي نص يجيز لأعضاء البرلمان (الشعب والشورى) المشاركة في عضوية الجمعية التأسيسية المسند إليها إعداد مشروع الدستور المصري الجديد ولو كان الاتجاه إلي ذلك لنص على ذلك صراحة في الإعلان الدستوري.
وأشارت المحكمة إلي أنه لم يسمح لأي من السلطة التنفيذية أو المجلسين (شعب وشورى) التعقيب على ما انتهت إليه الجمعية التأسيسية في هذا الشأن ليكون مصير مشروع الدستور لرأي الشعب في الاستفتاء عليه.
وتأسيساً على ما تقدم فإن القرار المطعون فيه – الصادر بتاريخ 17 مارس الماضي من هيئة الناخبين (الاجتماع المشترك) لمجلس الشعب والشورى وفقاً لنص المادة (60) من الإعلان الدستوري المتضمن دخول أعضاء من مجلسي الشعب والشورى في عضوية الجمعية التأسيسية لإعداد مشروع دستور جديد للبلاد – وهو ما لم ينكره المدعي عليهما الأول والثاني في مذكرة الدفاع المقدمة من هيئة قضايا الدولة، يكون حسب الظاهر من الأوراق قد صدر مخالفاً للمادة (60) من الإعلان الدستوري، لتجاوزه المهمة المحددة "للاجتماع المشترك" التي اقتصرت وفقاً للنص سالف البيان على انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية وهو ما يعيبه بعيب عدم المشروعية مما يرجح معه الحكم بإلغائه، وبذلك يتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه.
كما يتوافر فيه ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل في أن تشكيل الجمعية التأسيسية تم بالمخالفة لنص المادة (60) من الإعلان الدستوري وأن المخالفات المتعلقة بالأحكام الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات العامة للمواطنين يتحقق معها دائماً حالة الاستعجال التي تبرر وقف تنفيذ القرار الإداري، وإذ توافر في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركني الجدية والاستعجال، الأمر الذي يتعين معه القضاء بوقف تنفيذه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
مجدى عبد الحليم : التأسيسية ملك الشعب المصرى كله.
وحيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات فلهــذه الأسبــاب حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها بنظر الدعوى وبقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وألزمت المحكمة المدعي عليهما الأول والثاني مصاريف طلب وقف التنفيذ وأمرت بإحالة الدعوى إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.