العرب والمسلمون في عيون المجتمع الامريكي بقلم صالح عينر
العرب والمسلمون في عيون المجتمع الامريكي
هل يفيق المسلمون قبل ان يصفعوا صفة العدم المنتصر ..؟
بقلم : صالح عينر
محام بالنقض
قامت مؤخرا احدى اكبر المؤسسات الامريكية " مؤسسة جالوب " بعمل استطلاع للرأى للتعرف على توجهات الامريكيين ازاء عدة ديانات شملت اليهودية والمسيحية والاسلام والبوذية ؛ وكيف ينظر الامريكيين الى هذه الديانات ؛ نظرة ايجابية ؛ ام نظرة سلبية ؛ ومدى معلوماتهم عن هذه اليانات .
وجاء الاسلام فى المرتبة الاولى من حيث السلبية فى عيون الامريكيين والتصق بالارهاب حيث ثبت ان 53% من الامريكيين يرونه كذلك .. بينما قال 58 من الامريكيين ان البوذية ديانه ايجابية وافضل من الاسلام ؛ واما الديانة اليهودية فقد حظيت بنسبه 71% من حيث الايجابية .
لكن الملفت للنظر ان السواد الاعظم من الامريكيين الذين اجرى عليهم الاستفتاء اكدوا انهم يجهلون قواعد الاسلام ؛ وانهم قالوا رأيهم قياسا على ما يرونه من تصرفات المسلمين ؛ والجدير بالذكر انهم قالوا نفس الشىء عن كونهم يجهلون مبادىء الديانه البوذية ومع ذلك حظيت البوذية بنسبة 70 % ايجابية ..
وقد اكد كثير من الباحثين ممن اجروا هذا الاستفتاء ان الدور الاعلامى الامريكى يلعب دور البطولة المطلقة فى تحديد رؤية المواطن الامريكى بما يبثه عن الاسلام والمسلمين ؛ الذى ازداد عداء للاسلام والمسلمين منذ احداث سبتمبر ؛ وهو ما يركز على سلبيات المسلمين خاصة بعد احداث سبتمبر 2001م وهو ما ارتبط ارتباطا وثيقا فى ذهن الشعب الامريكى ان الاسلام يعنى الارهاب وان المسلمين يعنوا التطرف ؛ حتى رادفت كلمة الاسلام كلمة الارهاب فى ذهن كثير من عوامالامريكيين الامريكيين ..
وقد اكد الباحثون انه بدراسة دور المؤسسات الاعلامية فى امريكا بصورة واقعية محايدة وجدنا ان الاعلام الامريكى يؤثر فيه بصورة اكبر المؤسسات اليهودية التى تتغلغل فى ثنايا جميع المجالات والاتجاهات منذ عقود طويلة وهو ما جعلها اكثر تأثيرا وابعد توجيهاً ؛ حتى ان عدد المؤسسات اليهودية تتفوق على عدد المؤسسات المسيحية نفسها مع ان عدد السكان الامريكين ذو الاصول اليهودية لايتجاوز 2% من عدد الامريكيين ؛ ومع ان الديانه المسيحية هى رقم 1 فى امريكا ..
واذا كان للاعلام الامريكى كل هذا الدور البالغ ؛ فقد يقول قائل اننا نحتاج الى ارسال بعثات لتحسين صورة الاسلام هناك ..! ولكن فى الحقيقة فان هذا الامر الرسمى كما حدث فى الماضى اثبت الواقع انه غير ذو تاثير ملموس او غير مؤثر بالصورة المرضية ؛ لكنه قد يكون عامل مساعد بجانب امور اخرى اهم منه بكثير ؛ ذلك ان المسلمين الامريكيين الذين يحتكون بالواقع الامريكى يومياً هم الاقدر على اتخاذ اللازم للتفاعل مع المجتمع الامريكى والرد على تحسين صورة الاسلام عن طريق الاعلام ايضاً ؛ والمسلمون والعرب على عددهم وممتلاكهم وثرواتهم الوفيرة لن يعدموا وسيلة الوصول لامتلاك وسائل الاعلام على تنوعها ؛ ولقد استطاع اليهود على قلتهم بالنسبة للمسلمين والعرب فى امريكا ان يكون له صوت مسموع وتاثير ملموس عندما امتلكوا وسائل الاعلام لخدمة قضاياهم ؛ فقلبوا الباطل حق ؛ والحق باطل بفضل وسائل اعلامهم التى تبث الافك والضلال المبين ؛ فلماذا نجح اليهود وفشل العرب والسملمون فى ذلك ..؟!
ذلك الحكومات العربية والاسلامية بالفساد الضارب اطنابه بين ثنايا هذه الحكومات ؛ وهى الحكومات التى تنفق الملايين ؛ بل المليارات ؛ على التافه والساذج من الانتاج الاعلامى بالافلام الداعرة ؛ والمسلسلات الفاسدة ؛ والاغانى الماجنة ..! لماذ لا تبث هذه الحكومات قضياها عبر الاثير فى ارسال يصل الى هذه المجتمعات من خلال قنوات تصل اليهم وتعمل على جذب المشاهد فى هذه البلاد بلغتهم ولهجاتهم لتكون هذه الشعوب متعاطفة مع قضايا المسلمين ولتعرف حقيقة وعظمة الاسلام ؛ ولتكون هذه الشعوب ايضا وسيلة ضغط على حكوماتها اذا ارادت ان تحارب الاسلام والمسلمون او القضايا العربية .
العجيب والغريب والفريد ايضاً كما اثبت الباحثون ان عدد المؤسسات الاعلامية اليهودية داخل امريكا يفوق عدد المؤسسات الاعلامية المسيحية ؛ مع ان الدين الرسمى فى امريكا هو المسيحية ؛ والحقيقة المذهلة ان العرب والمسلمين الذين ينفقون الملايين المملينة داخل امريكا وغيرها ينفقون اموالهم على توافه الانفاق لكنهم لايمتلكون الوسائل الاعلامية التى تخدم قضياهم وقضايا بلادهم مع تشدقهم بحب الاسلام والعروبة ؛ ان عدد المؤسسات الاسلامية والعربية لايكاد يذكر اذا ما قورن بالمؤسسات اليهودية او المسيحية مع عدد السكان اليهود 2% وعدد السكان العرب والمسلمون 4% من تعداد الشعب الامريكى ؛ لكن اليهود لديهم مؤسسات اعلامية متنوعة ومتعددة و يوثرون بشدة فى تكوين الرأى العام الامريكى لصالحهم مع كل قضاياهم ؛ بينما العرب والمسلمون غائبون منغمسون فى احلامهم الوردي واو اوهامهم النرجسية ؛ وليس لهم ثمة تأثير يذكراذا قورن الامر بتأثير اليهود .. !!!
ولكن ما يبشر بالخير والأمل ؛ هى هذه اليقظة التى استيقظ العرب الذين هم اشباه أهل الكهف الذين رضخوا تحت ظلم ونير طواغيط حكامهم قروناً عديدة ؛ وأحقاباً مديدة ؛ فهل يستطيع المسلمون أن يلحقوا بقطار قطار العلم والتكنولوجيا بالغ السرعة ..!؟ ليست المسألة بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً ؛ عمل وقوة كما قال الله تعالى :
( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ) سورة النساء الاية (123)
( وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) سورة التوبة الاية (105)
ولقد قال الشاعر ابى القاسم الشابى :
ومن لم يعانقه شوق الحياة ... تبخر فى جوها واندثر
فويل لمن لم تشقه الحياة ... من صفعة العدم المنتصر
ومن لايحب صعود الجبال .. يعش أبدا بين الحفر
هو الكون حى ؛ يحب الحياة ... ويحتقر الميت مهما كبر
فلا الافق يحضن ميت الطيور .. ولا النحل يلثم ميت الزهر
هو الكون خلف سبات الجمـ ... ــود وفى افق اليقظات الكبر
واعلن فى الكون : ان الطموح ... لهيب الحياة ؛ وروح الظفر
اذا طمحت للحياة النفوس ... فلابد ان يستجيب القدر ..