همسة الي أساتذتي المحامين
في تلك الحياة بأمواجها المتلاطمة نحتاج من يعلمنا فن السباحة
ويساعدنا على العوم – ضد التيار غالبا – حتى نصل لبر الأمان ، وقد نجد من يأخذ
بأيدينا حينا ومن يتخلى أحيانا وهناك من يسعى لإغراقنا أو يعاون على ذلك بقصد أو
بدون قصد ..
وقد علمتنا التجارب أن نحذر الآخرين أكثر مما نقبل عليهم أو نثق
فيهم !! فرغم أننا نحتاج لمن يسمعنا ويشاركنا أفراحنا وأحزاننا ويحمل عنا بعض
همومنا إلا أننا لا يجب أن نتسرع في اختيار هذا الشخص فقد يكون طوق نجاة تنقذنا من
موقف أو أزمة لكنه أيضا قد يمثل القيد الحديدي الذي يشدنا إلى الأعماق من حيث لا
ندري ، ونكتشف مع مرور الوقت أننا قد عشنا الوهم ، فبعد أن منحناه الحب والود
والوقت والاهتمام ورفعناه وأثرناه على أنفسنا نفاجأ بعد ذلك أن قدماه قد وطئت
رؤوسنا ! فقد اعتاد أن يأخذ الكثير ولا يعطي إلا الفتات وقد لا يعطي شيئا ، وإذا
اختلفت الآراء فالخلاف يفسد للود كل قضية وإذا تعارضت المصالح فلا إيثار ولا تضحية
..
علمتنا الحياة أن الصداقة كلمة ساحرة قد تخفي وراءها خنجر مسموم
لشخصية جبانة أو مريضة بداء الخيانة ، والجبان هو الذي يفكر بساقيه فإذا واجهته
مشكلة فإنه يختار حلا واحدا من بين مئات الحلول وهو الهروب ، وهو الذي يتحصن
ويرميك من بعيد لأنه عاجز عن المواجهة تماما كاليهودي الذي يختبئ خلف مدرعته خوفا
من حجر بيد طفل .
قديما قالوا : احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة ، ولا تصادق
الخائن الذي يبيعك عند أول فرصة سانحة ، الذي لا يستطيع أن يظل وفيا فترة أطول لأن
الغدر والخيانة في طبعه ، ولا تصادق الجبان الذي يطعنك من الخلف لأنه لا يجرؤ على
مواجهتك ، ولا تندم على خيانة صديق فربما أراد الله أن يكشف لك حقيقته ويقيك شره .
من يجيد فن السباحة لا يجب أن يصادق أو يحب إلا في الله ، فلا تمنح
حبك أو صداقتك إلا لمن هو أهل لذلك ، ولا ترفع من لا يستحق فوق قدره حتى لا ينزلك
دون قدرك ، ولا تجامل أحدا على حساب نفسك فإذا لم تقدر ذاتك فلا تنتظر أن يقدرك
أحد ، وإذا تنازلت وقبلت الإهانة فلن يصون أحد كرامتك ، وإذا صادقت أحدا لا يعينك
على طاعة الله فلا تلومن إلا نفسك .
الكيس الفطن لا يلجأ عند الشدائد والأزمات إلا لله وإذا واجهته
مشكلة فلا يشكو لكل من هب ودب بل يفكر بينه وبين نفسه ويدرسها ويبحث في أسبابها
والعوامل التي ساعدت على تفاقمها ثم يضع البدائل لحلها ويستخير الله حتى يصل إلى
حل ، وإن كان لابد من الاستشارة والفضفضة مع شخص ما فليكن أقرب الأقربين كالأب أو
الأم أو الزوج أو الابن الناضج أو الابنة الصديقة أو الأخ أو الأخت أو ذوي
الاختصاص ، أما من خرج عن هذه الدائرة فقد تنقذك مشورته حينا وقد تغرقك أحيانا !
هذه الحياة تحتاج لسباح ماهر قوي الإيمان واثق في ربه وفي نفسه
يمشي بخطى ثابتة نحو هدفه لا يضيع وقته في البحث عن صداقات زائفة ولا يملأ حياته
بكثير من الناس كغثاء السيل ، ولا يشغل فكره بفيض من القصص والحكايات والأحاديث
التافهة ، ولا يهدر جهده فيما لا يفيد ، فأحلامك وطموحاتك لا يحققها سواك وأقرب
الناس إليك هم أولى الناس بوقتك وجهدك وحبك واهتمامك .