اختلفت الجلسة السابعة من محاكمة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى ومحسن السكرى عن الجلسات السابقة، وتميزت بالجدال على مدار ساعتين ونصف الساعة فى الأنظمة التكنولوجية الرقمية التى من خلالها قد يتم التلاعب فى الصور ومقاطع الفيديو، بإضافة أشخاص أو حذفهم أو التعديل فى مواقيت التقاط الكاميرات للصور.
بدأت الجلسة بأسئلة نظرية من هيئة المحكمة إلى ثلاثة من شهود النفى حول طبيعة عمل كاميرات المراقبة وطريقة التخزين وأنواع أجهزة DVR وإمكانية التلاعب بالصور وطريقته والوقت المستغرق فى ذلك، وانتهى النقاش النظرى إلى تأجيل القضية لغد الأربعاء، لحين إحضار الأجهزة الفنية اللازمة لعرض شهود النفى الثلاثة تجربة معملية يوضحون من خلالها طريقة التلاعب فى الصور على الملأ أمام هيئة المحكمة وجميع الحاضرين بالقاعة.
وصل هشام والسكرى إلى قاعة المحكمة فى العاشرة والنصف صباحا، وظلا فى الحجز الموجود بجراج المحكمة ساعة قبل اقتيادهما إلى قفص الاتهام فى الحادية عشر والنصف، فيما بدأت الجلسة فى الثانية عشر و10 دقائق حيث تلا فريد الديب عضو هيئة الدفاع عن هشام طلعت بيانا قال فيه: "إن شاهد النفى الذى جاء للمحكمة وهو المهندس منير مجدى للإدلاء بأقواله فيما يتعلق بإمكانية وجود تلاعب فى صور وكاميرات دبى، يعمل فى مجال تركيب كاميرات المراقبة الأمنية منذ سنوات طويلة وتولى بنفسه تركيب وتشغيل كاميرات المراقبة الأمنية بجامعة الدول العربية ومكتبة الإسكندرية وقاعة المؤتمرات وعدد من البنوك والفنادق السياحية، وأوضح الديب أن الشاهد ليس له أى علاقة بهشام طلعت مصطفى حتى عندما تولى تركيب الكاميرات بفنادق الفورسيزون بشرم الشيخ والقاهرة والإسكندرية لم يكن له أى تعامل مباشر مع هشام، وكان التعامل كله مع الوكيل، وقدم الديب كافة المستندات التى تدلل على أقواله بداية من شهادة تخرج الشاهد عام 1994 من كلية الهندسة شعبة الاتصالات وشهادة أخرى بحصوله على الماجستير فى 2008 وخطابات أخرى من شركة هانى ويل الأم تفيد أنه موزع معتمد بالقاهرة.
وطالب الديب النيابة العامة بالعدالة فى الاستماع إلى الشهود مدللاً على ذلك بأنها لم تطلب من الشاهد الباكستانى أى وثائق لإثبات الهوية أو طبيعة العمل، عكس ما تعاملت به مع شاهد النفى الذى أحضره هيئة الدفاع، والذى وجهت له المحكمة العديد من الأسئلة التى أربكته وأصابته بالإرهاب.
هنا وقف المستشار مصطفى خاطر المحامى العام الأول لنيابة استئناف القاهرة رافضا الطريقة التى يتحدث بها الديب، مشيرا إلى أن النيابة لا تلام على سؤالها للشاهد وتحققها من هويته، خاصة أنه شاهد لم يرد اسمه بأوراق الدعوى فضلا عن أنه فى البداية قيل إن الشاهد عبارة عن وكيل شركة هانى ويل فى القاهرة ثم تبين أنه شريك وتبين بعد ذلك أنه موزع فقط، وقال إن حديث الديب ليس إلا بياناً للإعلام، ولا يصح له أن يصف أسئلة النيابة بأنها "تربك وترهب الشاهد"، مضيفا أن النيابة العامة أحرص على المتهمين من دفاعهما، وستطالب بالبراءة فى حال وجود دلائل فى صالحهما.
حديث سليمان دفع الديب للاعتذار مباشرة وعلى الملأ قائلا "يا سيادة القاضى، لقد أرجعت الخطأ إلى نفسى بعد إخبار الشاهد إحضار كافة أوراقه الشخصية معه بقاعة المحكمة"، واستكمل حديثه إلى القاضى بأنه يحمل دليلا جديدا من دلائل براءة المتهمين عبارة عن بحث علمى جديد أجراه الدكتور ممدوح عبد الحميد عبدالمطلب أستاذ العدالة فى مركز بحوث الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، جاء به أنه من الممكن تحريف أو التلاعب فى الصور الرقمية لإنتاج صورة مركبة غير حقيقة، ولا يظهر ذلك إلا بتحليل المحتويات الأصلية للصورة المركبة لأنها عملية معقدة ولا يتم كشفها بسهولة.
طلبت المحكمة من الشاهد الأول ترك جميع أصول أوراقه الشخصية وسيرته الذاتية، فرد "يا سيادة القاضى إن استخراجها يكلف مبالغ كبيرة"، فتدخل فريد الديب فى النقاش قائلا "وماله يا سيادة القاضى يسيبها ما هو معاه فلوس ويقدر يستخرج أوراق ثانية"، فرد عليه القاضى قائلا "أه يا أستاذ فريد ما بقى كسيب دلوقتى".
استمعت المحكمة بعد ذلك إلى الشاهد الثانى إيهاب سعد الذى شرح للمحكمة طبيعة جهاز DVR وتكوينه ودوره فى تخزين الصور، مشيرا إلى أن DVR يتولى ترجمة إشارة الفيديو التى ترسلها الكاميرات لإشارة رقمية digital فضلا عن أن الجهاز يتيح تركيب أكثر من كاميرا بعدد يصل إلى 32 كاميرا وعرضهم على شاشة واحدة مع إمكانية المراقبة الحالية للمواقع أو استعادة صور ومقاطع فيديو قديمة.
أضاف الشاهد أن التكنولوجيا الرقمية الحديثة أضافت إمكانيات جديدة على أجهزة dvr بما يتيح التعامل مع الجهاز، وأنت فى منزلك أو أن يرسل الجهاز رسالة على إيميلك الشخصى يخبرك فيها بدخول شخص ما أحد الأبواب المراقبة، وضرب الشاهد مثالاً على طبيعة عمل أجهزة dvr والاستفادة منها، فعندما أخطرته موظفة أحد البنوك بوجود حادث سرقة فى أحد المواقع المراقبة، تم تحديد الوقت الزمنى واستخراج 10 دقائق على أسطوانة وتحديد مرتكب السرقة.
الشاهد أكد إمكانية التلاعب فى الصور عند استخراجها بنظام avi من جهاز dvr، سواء بحذف أو إضافة أشخاص أو التعديل فى مواقيت التقاطها، مشيرا إلى أن جميع أنظمة تشغيل أجهزة dvr التابعة لشركة هانى ويل واحدة رغم اختلاف الطراز.
المحكمة استمعت أيضا إلى الشاهد الثالث مينا فايق جورجى مخرج فنى ومدير شركة ميامى للإنتاج الفنى الذى أكد للمحكمة إمكانية التلاعب فى أى صورة أو مقطع فيديو، مشيرا إلى أن ذلك يستغرق وقتاً حسب طبيعة التعديلات المطلوبة، فمثلا فى حال وجود مقطع فيديو ساعة، وتريد أن تضيف شخصاً إلى شخصين موجودين بالأساس، فإن ذلك يستغرق أربع ساعات للمونتاج، كما أوضح الشاهد إمكانية التلاعب فى توقيت الصورة وضبط باقى مقاطع الفيديو دون أن يشعر أحد بالمونتاج.
وخلال الاستماع إلى أقوال الشهود، طلب هشام طلعت مصطفى الحديث من خلف قفص الاتهام غير أن فريد الديب توجه مسرعا إلى القفص وقال له "اسكت يا هشام كده عيب".
من جانبه، شكك عاطف المناوى دفاع السكرى فى حقيقة شخصية الشاهد الباكستانى الذى تم الاستماع إلى أقواله فى الجلسات الماضية، مشيرا إلى أنه ليس مدير مشروعات بشركة هانى ويل، وإنما فنى تركيب كاميرات المراقبة فقط.
على هامش الجلسة:
فى الوقت الذى كان يتحدث فيه الشاهد الأول، قاطعه سكرتير الجلسة طالبا منه التحدث ببطء حتى يستطيع الكتابة، فتدخل فريد الديب قائلا "بالراحه شويه يا باش مهندس علشان سعيد السكرتير يكتب كويس"، فرد عليه المستشار عادل عبد السلام جمعة "يعنى إنت خايف عليه قوى يا أستاذ فريد، اقعد مكانك لو سمحت".
استغل فريد الديب انتظار المحكمة دخول الشاهد الثانى وطلب من القاضى تصوير محاضر الجلسات، فرد عادل عبد السلام جمعة، "دا كلام عادى وكلكم عارفينه"، فرد الديب بطريقة المعتادة "والنبى يا سيادة القاضى عايزين نصور المستندات".
المستشار بهاء أبوشقة تحدث للمرة الأولى فى الجلسة بعبارة واحدة وجهها إلى المستشار عادل عبد السلام جمعة بشأن الطبيب الشرعى الاستشارى الذى تم الاستماع إلى أقواله أمس.
لا يزال غياب سحر طلعت مصطفى عن حضور المحاكمة لغزاً يحير المراقبين للقضية.
هيئة الدفاع عن هشام اجتمعت قبل الجلسة بـ 10 دقائق خارج قاعة المحكمة ونسقوا مع بعضهم البعض مضمون ما سيقوله الديب بالجلسة.